Skip to main content

الخلاص

الانتصار على الخطية

يمكنك الانتصار على الخطيّة بوسائط النعمة، فالله لا يترك المؤمن إلى مجهوده الشخصيّ ومسعاه الذاتيّ ليتحرّر من الخطيّة وليتمّم خلاصه، بل يبقى عاملاً فيه وفقاً للقول الرسوليّ "تَمِّمُوا خَلَاصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لِأَنَّ اللّهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ" (فيلبّي 2:12-13). ووسائط النعمة متعدّدة، منها:

الشركة السرّيّة المستمرّة مع المسيح:

فالمسيح بالنسبة للمؤمن ليس مجرّد معلّم أو مثال، بل هو الشخص الحيّ الساكن في حياته. وبوحيٍ من هذه الحقيقة قال الرسول بولس: "لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالْإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ" (أفسس 3:17 و18).

ورسم الكتاب المقدّس لنا أكثر من صورة لعلاقة المؤمنين بالمسيح. فقد مثّل المسيح بالكرمة و مثّل المؤمنين بالأغصان (الإنجيل بحسب يوحنّا 15:1-3). وبالهيكل المقدّس وهم حجارة حيّة فيه (1 بطرس 2:5). ولعلّ هذه العلاقة من أهمّ ما قصده المسيح حين قال "هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" (رؤيا 3:20). "إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلَامِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً" (الإنجيل بحسب يوحنّا 14:23).

ولعلّ أروع اختبار في هذا الموضوع هو اختبار الرسول بولس الذي عبّر عنه بالقول "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لَا أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الْآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الْإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللّهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِي" (غلاطية 2:20).

فما أحوجنا إلى أن ننسى شخصيّتنا ونندمج كلّيّاً بالمسيح لنثبت فيه ويثبت فينا. وما أحوجنا إلى الثبات في كلامه ليثبت كلامه فينا. وحينئذٍ نطلب ما نريد فيكون لنا، فننتصر على الخطيّة.

دراسة الكتاب المقدّس:

قال المسيح "لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللّهِ" (الإنجيل بحسب متّى 4:4).

ولو تتبّعنا حياة رجال الله الذين عاشوا النصرة نجد أنّهم كانوا متسلّحين بسيف الروح الذي هو كلمة الله (أفسس 6:17) وأنّ جميع الذين مرّوا في فترات فتور وانهزام استرجعوا مكانهم بواسطة الكلام الإلهيّ. خذ داود مثلاً، فإنّه بمداد الاختبار كتب أنشودة الانتصار الخالدة "طُوبَى لِلْكَامِلِينَ طَرِيقاً، السَّالِكِينَ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ. طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ. أَيْضاً لَا يَرْتَكِبُونَ إِثْماً. فِي طُرُقِهِ يَسْلُكُونَ. أَنْتَ أَوْصَيْتَ بِوَصَايَاكَ أَنْ تُحْفَظَ تَمَاماً. لَيْتَ طُرُقِي تُثَبَّتُ فِي حِفْظِ فَرَائِضِكَ. حِينَئِذٍ لَا أَخْزَى إِذَا نَظَرْتُ إِلَى كُلِّ وَصَايَاكَ. أَحْمَدُكَ بِاسْتِقَامَةِ قَلْبٍ عِنْدَ تَعَلُّمِي أَحْكَامَ عَدْلِكَ. وَصَايَاكَ أَحْفَظُ. لَا تَتْرُكْنِي إِلَى الْغَايَةِ. بِمَ يُزَكِّي الشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلَامِكَ. بِكُلِّ قَلْبِي طَلَبْتُكَ. لَا تُضِلَّنِي عَنْ وَصَايَاكَ. خَبَّأْتُ كَلَامَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلَا أُخْطِئَ إِلَيْكَ" (مزمور 119:1-11).

وأيضاً بشعور المنتصر على خطاياه كتب لنا شهادته الرائعة "نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً... أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الْأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالْإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ. أَيْضاً عَبْدُكَ يُحَذَّرُ بِهَا، وَفِي حِفْظِهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ" (مزمور 19:7-11).

وهاك مثالاً آخر في شهادة الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس "وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلَاصِ، بِالْإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللّهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللّهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ" (2 تيموثاوس 3:15-17).

وبطرس أيضاً شهد لعمل كلمة الله في الإنسان إذ قال "وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَناً إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هذَا أَّوَلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بطرس 1:19-21).

الصلاة:

حين بدأ الشيطان بغربلة التلاميذ قال لهم الربّ "صَلُّوا لِكَيْ لَا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ" (الإنجيل بحسب لوقا 22:40) لأنّ التجربة إذا قُبِلت تقود إلى الشهوة، والشهوة إذا كملت تلد خطيّة. لذلك يجب أن نصلّي لله بحرارة لكي لا يدخلنا في تجربة، لكي لا ندخل بها في الخطيّة، ومن الخطيّة إلى الهلاك.

التوبة المصمِّمة:

قال القدّيس باسيليوس "جيّدٌ أن لا تخطئ. وإن أخطأت فجيّد أن لا تؤخّر التوبة. وإن تبت فجيّد أن لا تعاود الخطيّة. وإذا لم تعاودها فجيّد أن تعرف إنّ ذلك قد تمّ بمعونة الله. وإذا عرفت ذلك فجيّد أن تشكر الله على نعمته، وأن تطلب منه باستمرار أن يقدّم المعونة".

صَلْبُ الإنسان العتيق:

قال الرسول بولس "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هكَذَا - إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الْإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الْإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللّهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَق" ( أفسس 4:20-24).

الإلتجاء إلى محبّة المسيح:

قيل إنّ إبليس الرجيم هاجم القدّيس مكاريوس وهو يصلّي، بأن مَدَحه ليحمله على الكبرياء، قائلاً له " كم أنت قدّيس وكامل!". فأجاب رجل الله "لكنّك نسيت ضعفاتي وتقصيراتي الكثيرة". وفي مرّة ثانية حاول إبليس أن يحمله على اليأس من رحمة الله، فقال له "كم أنت ناقص وكثير الذنوب!". فقال رجل الله " صحيح أنا كثير الذنوب والعيوب، ولكنّك نسيت محبّة المسيح لي وموته لأجلي. إنّه بكماله يكمّل نقائصي".

الإجتماعات الروحيّة:

من المسلّم به أنّ الاجتماعات الروحيّة من أقوى الوسائل التي أوجدها الله لنموّ المؤمنين وتقدّمهم في الحياة المسيحيّة. ويخبرنا سفر أعمال الرسل أنّ أعضاء الكنيسة الأولى كانوا كلّ يوم يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات (أعمال 2:42). ولهذا قال الرسول "وَلْنُلَاحِظْ بَعْضُنَا بَعْضاً لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ" (عبرانيّين 10:24 ، 25). 

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 3506